تتحدث المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أن الغرض الأساسي لحزب الله، من إرسال المسيرات باتجاه حقل كاريش، هو إرسال رسالة للحكومة الانتقالية في تل أبيب، والحكومة القائمة في لبنان، وسط خلافهما حول مسألة الحدود البحرية.
وما زال الإسرائيليون يدرسون طبيعة الرد على إطلاق حزب الله ثلاث طائرات مسيرة باتجاه حقل "كاريش" لاستخراج الغاز من المياه اللبنانية.. صحيح أن جيش الاحتلال زعم إسقاطها، بسب تفوقه العملياتي والاستخباراتي، لكن الحزب حاول أن يباغته في يوم السبت وسط اعتقاد بأن مستوى اليقظة سيكون أقل من باقي الأيام، وفي الوقت ذاته حاول توجيه إهانة لرئيس الوزراء الإسرائيلي في يومه الأول.
الجنرال عاموس يادلين الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ذكر في مقاله التحليلي على القناة 12، أن "الحزب، كما كان متوقعا، سعى لإنجاز نجاح عملياتي في عملية "انتصار" للوعي، عبر نشر شريط فيديو استفزازي لإسرائيل يظهر المعلومات التي جمعها على الحفارة، وسط خلافات حدودية بحرية مستعصية بين تل أبيب وبيروت، في ظل اعتقاد الأخيرة أن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط سينقذ اقتصادها المنهار".
وأضاف أن "أول الخيارات الإسرائيلية أمام سلوك حزب الله يتمثل في المحافظة على الهدوء والسياسة، وتدوين مخالفات الحزب على دفتر الملاحظات، وثانيها الاستمرار في عملية الحفر في حقل غاز كاريش، وثالثها تكثيف الجهود الاستخباراتية في الدفاع والأمن متعدد الأبعاد، ورصد نقاط المراقبة للحزب على الحدود الشمالية، ورابعها متابعة مكامن قوته في الدفاع الجوي ودقة الصواريخ".
من الواضح أنه لم يتم قول الكلمة الأخيرة في حادثة الطائرات المسيرة، لكن تقييمها من منظور أوسع يتعلق بمحاولة الحزب لتحدي السيطرة الإسرائيلية على المياه اللبنانية، حيث يريد إنشاء معادلة جديدة وصعبة لجمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، لكن من الواضح أن هذه الحادثة ستلقي بتأثيراتها على مجمل حالة الاستقرار في المنطقة، وقد نكون في بداية الحدث فقط، عشية ظهور تصعيد تدريجي للموقف لا تعرف مآلاته بعد.
نير دفوري المراسل العسكري للقناة 12، ذكر في تقرير أن "خطوة حزب الله تزامنت مع دخول لابيد منصبه الجديد ما يعتبر تحدياً له، ويدفع للتساؤل: لماذا يحاول الحزب الآن بالذات تحقيق إنجاز في مجال معركة الوعي، لاسيما أن هذا السلوك سيؤدي لارتفاع درجات الحرارة في الجبهة الشمالية، لكن المؤكد أن إسرائيل لم تقل كلمتها الأخيرة، لأننا أمام حدث غير معتاد، رغم أنه ينضم لسلسلة من الحوادث الأخرى في الشمال، وبالتالي فقد نكون أمام اشتعال تدريجي لهذه الساحة".
وأضاف أن "خطوة الحزب جاءت في أيام حساسة، لأنها تتزامن مع تولي لابيد منصب رئيس الوزراء، واستئناف المحادثات النووية الإيرانية، ومحاولتها تشديد قبضتها على سوريا ولبنان، فضلا عن وجود روسيا في حوض البحر المتوسط الشرقي وداخل الأراضي السورية، وكل ذلك قد يضر بجهود إسرائيل للحفاظ على طائرات سلاحها الجوي في أجواء لبنان وسوريا، فضلا عن تزامنها مع الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة".
وترصد الأوساط الإسرائيلية طبيعة الرد المتوقع من الجيش على مسيرات حزب الله، وسط اعتقاد بأن يتم عبر دمج الدبلوماسية العلنية بالأعمال السرية، لأن لابيد سيلتقي رئيس الأركان أفيف كوخافي، وهو أول اجتماع عمل لهما، ومصمم لتنسيق المواقف والتوقعات، وستكون خطوة الحزب على رأسها، صحيح أن اعتراض طائرات الحزب عملا مهماً، لكنه لا يبدو كافيا بنظر الإسرائيليين، خاصة أن منطقة استخراج الغاز في البحر ستشكل نقطة احتكاك جديدة على الحدود البحرية.